مدرسة صهرجت الصغرى الثانوية
مدرسة صهرجت الصغرى الثانوية
مدرسة صهرجت الصغرى الثانوية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مدرسة صهرجت الصغرى الثانوية

مدرسة صهرجت الصغرى الثانوية
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيل

 

 صبرا وشاتيلا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد السيد
Admin
محمد السيد


عدد المساهمات : 44
تاريخ التسجيل : 30/12/2009

صبرا وشاتيلا Empty
مُساهمةموضوع: صبرا وشاتيلا   صبرا وشاتيلا Emptyالثلاثاء أكتوبر 19, 2010 11:49 am

الدكتور عبد الله النجار

مقدمة

إن تاريخ إسرائيل مليء بالجرائم والمذابح التى لا تعد ولا تُحصى منذ أن زُرعت فى منطقتنا العربية فى بقعة عزيزة علينا جميعاً ، بل إن خطرها يزداد يوماً بعد يوم رغم أنها دولة محدودة المساحة وعدد السكان ، فقد زرعت إسرائيل رغماً عنا وفى غيبة الوعى العربى على يد بريطانيا العظمى آنذاك ، ومن ثم الولايات المتحدة الأمريكية الكيان الذى أمدها بكل شىء حتى مكن لها فى الأرض وجعلها دولة عظمى من حيث الإمكانيات والسلاح حتى استشرت وظهر خطرها فى البر والبحر والجو فى الألفية الثالثة ، بل تجبرت وعلت فى الأرض بطريقة لم يسبق لها مثيل حتى أن ضعاف النفوس وأصحاب التواكل يظنون بل ويوقنون أن إسرائيل لو دخلت حرباً ضد العرب جميعاً لسحقتهم ، ومن أجل الخروج من ذلك لابد من وقفة حازمة للعرب ضد ما يسمى إسرائيل صاحبة المذابح الدموية فى حق الفلسطينيين وفى حق الشعوب العربية .
ففى أواخر القرن التاسع عشر رفع [ تيودور هرتزل ] مؤسس الحركة الصهيونية خاصة الصهيونية السياسية شعاراً كاذباً يقول إن أرض فلسطين هى ( أرض بدون شعب ) وذلك لتبرير الاستيطان اليهودى فى فلسطين ، لكنه مات عليه لعنة الله ولم يتحقق له من هذا الأمر شىء ، وتبعته [ جولدامائير ] رئيسة وزراء إسرائيل السابقـة حين تساءلت بوقاحة ( أين هم الفلسطينيون ؟ ليس هناك شىء بهذا الاسم !! ) .
وتاريخ إسرائيل مليء بالمذابح التى دبرها ونفذها زعماء العصابات الصهيونية لإبادة أكبر عدد من الفلسطينيين ، وإرهاب كل من بقي حياً لكى يفر طلباً للنجاة تاركاً وراءه أرضه ومنزله لأحفاد القردة والخنازير .
ونخص بالذكر هنا مذبحة [ صبرا وشاتيلا ] أم المذابح الإسرائيلية للفلسطينيين فى لبنان بقيادة السفاح الإرهابي [ أريل شارون ] والتى قُدر عدد الضحايا فيها بما يزيد على أربعة آلاف ضحية فى ثلاثة أيام فقط هم أيام 16 ، 17 ، 18 سبتمبر عام 1982م .(1)
فهيا بنا نتعرف على هذه المذبحة الرهيبة وكيف تمت لكى ندلل على همجية آل صهيون وأنهم ما خُلقوا إلا لكى يُبادوا ، فهم أشر عباد الله على وجه الأرض ، فهم يرثون الإجرام والدموية كابراً عن كابر ، لذا وجب على المسلمين جميعاً فى أنحاء المعمورة استئصال شأمنتهم من الوجود حتى يستريح العالم وتستريح الأرض والسماء منهم .



























التمهيد للمذبحة










رحيل مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية

منظمة التحرير الفلسطينية أصبحت حركة مسلحة بعد أن كانت تنظيماً سياسياً فى البداية ، وذلك بتجهيز جيش لها يدافع عنها وعن اللبنانيين ، فقد كان مسلحو الحركة يمنعون خطر تقدم القوات الصهيونية إلى لبنان ، فقد كانت إسرائيل تنوى الزحف على لبنان بعد أن وضعت الحرب أوزارها بينها وبين مصر أقوى دولة عربية فى المنطقة بمعاهدة السلام بينهما والتى تكفل لإسرائيل عدم تدخل مصر أو أى دولة عربية أخرى إذا ما أقدمت على احتلال بيروت ، لكن إسرائيل وجدت مقاتلى منظمة التحرير الفلسطينية لها بالمرصاد ، لذا قامت بإرهاب الدولة اللبنانية متمثلاً فى القصف اليومى لبيروت وأشاعت أنه تجنباً لهذا القصف يلزم خروج المقاتلين الفلسطينيين من لبنان ، واستجاب حماة بيروت لهذا المطلب بعد أن يئسوا من وصول النجدة العربية ونزولاً على رأى الحكومة اللبنانية وذلك غرة سبتمبر عام 1982 .. رحلوا بعد أن تعهدت كل من الحكومة اللبنانية والحكومة الأمريكية بتأمين سلامة المقاتلين الراحلين وسلامة المدنيين الأبرياء الباقين فى بيروت .. رحلوا بعد أن وعدت الدول المشاركة فى القوة المتعددة الجنسيات بأن قواتها المنتشرة على خطوط التماس لن ترحل حتى يستتب الأمن والنظام وتتولى السلطة الشرعية اللبنانية زمام الأمور فى بيروت الغربية .. رحلوا بعد أن أكد المسئولون فى الحكومة الأمريكية أن القوات الإسرائيلية الغازية لن تدخل بيروت الصامدة .. رحل المقاتلون وتركوا زوجاتهم وأولادهم وأمهاتهم وآباءهم أمانة فى عنق من قدموا الضمانات والوعود .

التحركات الإسرائيلية

وخلال يومين من رحيل المقاتلين الفلسطينيين تقدمت القوات الإسرائيلية واحتلت موقعاً جديداً بالقرب من السفارة الكويتية ( كما هو موضح بخريطة أرض المذبحة ) يكشف مخيمى [ صبرا وشاتيلا ] بالكامل ، واحتج شفيق الوزان ، رئيس الوزراء اللبنانى على تقدم قوات الاحتلال واعتبره خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه مع فيليب حبيب المبعوث الأمريكى ، ورد عليه السفير الأمريكى فى لبنان مؤكداً أن تحرك القوات الإسرائيلية الغرض منه هو إزالة الألغام والمتاريس الموجودة على الطرق الرئيسية المؤدية إلى بيروت .(1)
وفى يوم 7 سبتمبر ادعت الحكومة الإسرائيلية أن ألفي مقاتل فلسطينى يعززهم نحو ألف مقاتل من القوات الوطنية لا يزالون يرابطون فى منطقة الجناح فى بيروت الغربية ، وهددت إسرائيل بتجاوز خطـــوط وقف إطلاق النار حول بيروت إذا لم يرحل الفلسطينيون وتنسحب القوات الوطنية من المنطقة .(1)
وتأكيداً لجدية تهديداتها اقتحم الجنود الإسرائيليون مبنى سفارة جمهورية اليمن الديموقراطية واحتلوا مبنى السفارة المجرية المهجور ، وتفادياً للمواجهة العسكرية أعلنت القوات الوطنية فى منطقة الجناح [ حركة أمل الشيعية اللبنانية ] أنها مستعدة للتخلى عن مواقعها فى الجناح للقوة المتعددة الجنسيات أو للجيش اللبنانى ، ونفى المتحدث باسم حركة أمل وجود مقاتلين فلسطينيين فى المنطقة ، وتم تسليم المواقع للجيش اللبنانى فى اليوم التالى .(2)
ولقد قامت قوات الأمن الداخلى فى لبنان بتسليم مواقع حركة الناصريين المستقلين اللبنانية داخل المدينة ، وبدأت فى عملية جمع الأسلحة من بيروت الغربية بالرغم من احتجاج حركة أمل الشيعية اللبنانية ورفضها التخلى عن السلاح طالما بقيت قوات الاحتلال الإسرائيلية فى لبنان ، كذلك دخل الجيش اللبنانى مخيم برج البراجنة وأزال حوالى 300 لغم كان سكان المخيم قد وضعوها لحماية أنفسهم من أى هجوم خارجى ، وبدأت عملية تجميع الأسلحة المتبقية فى المخيم رغم ممانعة السكان وإصرارهم على الاحتفاظ بأسلحتهم الفردية للدفاع عن أنفسهم ، ودخل رجال الشرطة اللبنانية مخيم صبرا واتخذوا مواقع لهم على وداخل مخيم شاتيلا ، وساد الهدوء فى المخيمين .
كان السكان يتوقعون دخول الجيش اللبنانى ولكن وجود الموقعين الإسرائيليين بالقرب من المخيمين كان يثير المخاوف ويعرقل عملية انتشار الجيش وسيطرته على الوضع الأمنى .(1)

رحيل القوة متعددة الجنسيات

فى يوم 9 سبتمبر عام 1982 أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أن مشاة البحرية الأمريكية التابعين للقوة متعددة الجنسيات سوف يرحلون غداً يوم 10 سبتمبر ، أى بعد 16 يوماً فقط من وصولهم ، وذلك خلافاً لما اتفق عليه من قبل بأن تبقى القوة متعددة الجنسيات لمدة شهر حتى تستتب الأوضاع الأمنية فى بيروت ، وتعقيباً على إعلان الولايات المتحدة الأمريكية سحب قواتها أعلنت القوات الفرنسية والإيطالية أنها لا تستطيع البقاء دون القوات الأمريكية والقوة متعددة الجنسيات .
عندئذ ساد بيروت شعور بالقلق نتيجة لهذه التصريحات وعبرت عدة مصادر لبنانية عن شكها فى قدرة الجيش اللبنانى وقوات الأمن الداخلى على السيطرة على الوضع الأمنى فى العاصمة بعد مغادرة القوات متعددة الجنسيات ، لذا اتصل رئيس الوزراء اللبنانى [ شفيق الوزان ] بالسفير الأمريكى وطلب منه تأجيل رحيل مشاة البحرية الأمريكية وقال إن انسحاب القوة متعددة الجنسيات الآن يناقض روح الخطة التى أعدها [فيليب حبيب] المبعوث الأمريكى ، حيث أن إحدى مهام تلك القوة هى ضمان سلامة المدنيين والفلسطينيين طالما بقيت القوات الإسرائيلية حول بيروت .(1)
لكن الرئيس [ بشير الجميل ] صرح فى نفس اليوم أن القوة متعددة الجنسيات قد أنهت مهمتها وأن عليها أن ترحل .(2)
وتنفيذاً للخطــة الموضوعة والمتفـق عليها رحلت القوة الأمريكية يــوم الجمعة 10 سبتمــبر عام 1982 وتبعتهــا القــوة الإيطالية يوم السبت 11 سبتمبر ، ثم القوة الفرنسية يوم 13 سبتمبر ، وهكذا رحلت القوة المتعددة الجنسيات قبل ثمانية أيام من انتهاء المدة التى حددتها خطة [فيليب حبيب] وهى يوم 21 سبتمبر عام 1982 .. رحلوا جميعاً وبقى الإسرائيليون يعيثوا فى الأرض فساداً واستكباراً .

اغتيال بشير الجميل رئيس لبنان

بعد يوم واحد من رحيل القوة المتعددة الجنسيات ، وفى تمام الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم الثلاثاء الموافق 14 سبتمبر عام 1982 اغتيل الرئيس المنتخب [ بشير الجميل ] فى معقل الكتائب فى بيروت الشرقية فى قصر الحزب بالأشرفية بالرغم من الإجراءات الأمنية المشددة إثر انفجار شحنة ناسفة وضعت له فى المبنى الذى كان يعقد فيه اجتماعاته بقياداته العسكرية ، وقامت عناصر ميليشيا الكتائب بالبحث بين الأنقاض عن الرئيس المنتخب حتى وجدوه بعد مضى ثلث ساعة على الانفجار وكان مشوه الوجه لا يتحرك .(1)
لم تعلن الإذاعة اللبنانية خبر مقتل بشير الجميل إلا عند منتصف الليل ، ولكن الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية كانت قد بدأت ، فقد أكد أحد ضباط الأمن اللبنانى وكان موجوداً فى المطار فى ذلك اليوم أن القوات الإسرائيلية المحتلة فتحت منذ الساعة السادسة مساء الثلاثاء 14 سبتمبر 1982 وحتى الساعات الأولى من صباح الأربعاء جسراً جوياً عبر مطار بيروت الدولى حيث هبطت طائرات هيركيوليز العسكرية محملة بالجنود والأسلحة والمعدات .(1)
وفى الساعة الخامسة من صباح الأربعاء 15 سبتمبر فرضت قوات الاحتلال الإسرائيلية حظر التجوال .

اجتياح إسرائيل لبيروت الغربية

تقدمت القوات الإسرائيلية نحو بيروت الغربية وكان هجومها على ستة محاور ، ثلاثة منها كانت عبر الطرق الرئيسية التى نظفها الجنود الإسرائيليون من الألغام والمتاريس قبل عشرة أيام ، أما المحاور الأخرى فكانت من بيروت الشرقية عبر منطقة المتحف والميناء حيث احتلت القوات الإسرائيلية المواقع التى أخلاها مشاة البحرية الأمريكية ، وقبل انتهاء صباح الأربعاء 15 سبتمبر عام 1982 كانت الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية قد اتخذت مواقعها على كل الطرق والمداخل الرئيسية .
نتيجة لذلك الاجتياح من قِبل الإسرائيليين أرسل رئيس الوزراء اللبنانى [ شفيق الوزان ] برقية للرئيس [ ريجان ] رئيس الولايات المتحـــدة








التحركات الإسرائيلية فى مطار بيروت الدولى









الأمريكية يحتج فيها على الهجوم الإسرائيلى ، فرد عليه [ ريجان ] قائلاً إن إسرائيل ترى أن هذا التقدم المحدود ضرورى للمحافظة على الأمن بعد مقتل [ بشير الجميل ] رئيس لبنان ، ورد [ شفيق الوزان ] رافضاً التبريرات الإسرائيلية .(1)
وإزاء هذا الاجتياح الإسرائيلى دافعت القوات الوطنية اللبنانية عن بيروت الصامدة دفاعاً مستميتاً ، وخاضت معارك شرسة فى عدة مناطق ، منها الطريق الجديدة والمزرعة والفاكهانى وعلى حدود المخيمات وفى منطقة الروشة ، وبعد ظهر الأربعاء 15 سبتمبر عام 1982 أحاطت الدبابات الإسرائيلية بمخيمي [ صبرا وشاتيلا ] وبدأت تقصفها بالمدفعية .(2)

مخيمي صبرا وشاتيلا تحت الحصار الإسرائيلى

استمرت المعارك بين القوات الإسرائيلية وبين اللبنانيين حتى صباح يوم الخميس الموافق 16 سبتمبر عام 1982 ، لكن القوات الإسرائيلية تمكنت من السيطرة على بيروت الغربية وعزلت الأحياء عن بعضها وفرضت حظر التجول فى المدينة وأمرت السكان بعدم مغادرة منازلهم ، وأغلقت جميع الطرق المؤدية إلى العاصمة وبدأت عملية اقتحامها للبيوت وجمع الأسلحة والاعتقالات ، واستمر القصف على مخيمي [صبرا وشاتيلا] وعند ظهر يوم الخميس كانت القوات الإسرائيلية تحاصر مخيمي [ صبر وشاتيلا ] بما يزيد على 150 دبابة ، و100 ناقلة جنود ، و14 عربة مدرعة تحمل مجموعة من المدافع ، و20 جرافة ( بلدوزر ) وذلك تمهيداً للقيام بالمذبحة وتجهيز أدواتها للعمل الفعلى فى هذا اليوم ، يوم الخميس الموافق 16 سبتمبر عام 1982 .(1)


  
































المذبحة الرهيبة










بداية المذبحة

اجتمع [ أريل شارون ] وزير الدفاع الصهيونى آنذاك صباح يوم الأربعاء الموافق 15 سبتمبر عام 1982 مع قادة قوات الكتائب الذين سيقومون بتنفيذ أمر المذبحة ، وذلك نقلاً عن جريدة [ الجروزاليم بوست ] الإسرائيلية الصادرة فى يوم 1 يناير عام 1982 بقلم [ ديفيد ريتشاردسون ] وفى نفس الجريدة ، وفى نفس اليوم اعترف [ أمير درورى ] قائد القوات الإسرائيلية فى لبنان أن الاجتماع الذى كان بين [ شارون ] وقوات الكتائب يوم الأربعاء 15 سبتمبر 1982 تم الاتفاق فيه على دخول الكتائب إلى المخيمات على أن تتولى القــــوات الإسرائيلية إدارة المخيم وتغطية العمليات بالقصف المركز ، كما اتفق أيضاً على تعيين ضابط اتصال إسرائيلى من المخابرات الإسرائيلية فى مقر قيادة الكتائب ، وضابط اتصال كتائبى فى مقر قيادة [ آموس يارون ] الذى يطل على المخيمات ، وفى هذا الاجتماع تم شرح خطة اقتحام المخيمين وذلك من خلال خريطة تبين للقتلة ما يفعلونه .






التجمع الإرهابى المجرم

ذكرت جريدة النيويورك تايمز الأمريكية فى يوم 26 / 9 / 1982 بقلم [ توماس فريدمان ] أنه فى يوم الخميس الموافق 16 سبتمبر عام 1982 شاهد أهالى مدينة الشويفات ، وهى المدينة المطلة على مطار بيروت الدولى سيلاً ممتداً من الشاحنات وناقلات الجنود المدرعة تتجمع فى أحد ممرات المطار بالقرب من الموقع الإسرائيلى فى المطار ، وذكر الشهود أن الناقلات كانت تحمل جنوداً يرتدون زى المليشيات وكانت تتدفق من جهتين : من الطريق القادم من جنوب لبنان [ معقل سعد حداد ] ، ومن الطريق القادم من بيروت الشرقية [ معقل الكتائب ] ، وقد أكدت مصادر فى الجيش اللبنانى ما قاله أهالى الشويفات .

الانطلاق للقيام بالمذبحة

عندما اكتملت الحشود تحركت القوات من المطار إلى المخيمات الفلسطينية مسترشدة بعلامات حديثة الطلاء على جانبي الطريق على شكل دائرة بداخلها مثلث ، وقد ذكر [ ديفيد لامب ] المراسل الصحفى لجريدة الهيرالدتربيون الأمريكية التى كانت تصدر فى باريس يوم 21 / 9 / 1982 أن هذه العلامات كانت واضحة على طول الطريق من بيروت الشرقية إلى الممر نفسه حيث ترابط القوات الإسرائيلية .
وفى تمام الساعة الرابعة ظهر يوم الخميس الموافق 16 / 9 / 1982 وصلت قافلة القتلة محملة بالسواطير والخناجر والرشاشات إلى حدود المخيمات التى تحاصرها القوات الإسرائيلية ، ومباشرة فتح لها الجنود الإسرائيليون الطريق حسب الاتفاق المبرم بينهما ، ليس هذا فحسب ، بل غطوا دخول القتلــة بتكثيف القصف المركز على المخيمات حتى يدخل القتلة فى أمان ودون وجــود أدنى مقاومـــة تواجههــم حين دخولهم مخيمى [ صبرا وشاتيلا ] .
وبدأت المذبحة وأعمال القتل والذبح فى المدنيين بالسواطير والبلطات والبنادق الآلية دون تمييز بين رجل مسن أو امرأة أو طفل صغير أو رضيع ، الكل واقع تحت المطرقة .. الكل مصيره الفناء والدمار ، فالمخيمين لابد من تنظيفهما تماماً من البشر الفلسطينيين الموجودين فيهما كما قال السفاح شارون للقتلة . ولن أصف المذبحة وما تم فيها لأننى كنت غير موجود ، لكن أترك الوصف لمراسلى الصحف العالمية مثل جريدة الأوبزرفر [ كولين سميث ] وجريدة الهيرالدتربيون الأمريكية ـ جريدة النيويورك تايمز الأمريكية ـ جريدة الواشنطن بوست الأمريكية ، فلقد ذكر مراسلى هذه الصحف بعض مقتطفات من المذبحة نذكر بعضها ..
انتشرت رائحة الموت وأسراب الذباب وأكوام الجثث فى كل مكان ، فى الطريق والشوارع الفرعية ، وتحت العربات وفوق أكوام الأنقاض والقمامة ، وفى مداخل البيوت ، وداخل غرف النوم .
فعند المدخل الجنوبى لمخيم [ شاتيلا ] صف من البيوت الصغيرة انهارت فوق أصحابها نتيجة للقصف المكثف من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلية ، وعلى مسافة خمسين متراً كومة من الجثث تشابكت أرجلها وأيديها كأنها تحتمى ببعضها من قسوة الموت .. قتلوا جميعاً برصاصات فى الرأس .. أحدهم قطعت خصيتاه وبترت رءوس الآخرين من على أعناقهم وآخرين ترى عيونهم مفتحة بها رعب من هول ما وجدت من هؤلاء القتلة العتاة فى الإجرام ، فقد ماتوا وهم فى رعب كبير خاصة الأطفال .
وعلى مسافة قريبة جثث لخمس نساء وعدد من الأطفال ملقاة فوق كومة من تراب ، بينها امرأة مستلقية على ظهرها وقد شق الثوب عن صدرها وقطعت حلمتاها من ثدييها ، وإلى جانبها رأس جثة بدون جسد لطفلة جميلة تنظر إلى القتلة بغضب ، وبجانب الرأس طفلة أخرى لا يزيد عمرها على الثالثة ترتدى ثوباً أبيض ملطخاً بالدم والطين ورأسها مهشم برصاصة .
وأمام بوابة منزل تهدم نصفه امرأة شابة سقطت على وجهها وهى تحتضن رضيعها كانت تريد الفرار من وجه القتلة وطفلها بين يديها لكن المجرمين الطغاة أطلقوا عليها النار فى ظهرها فاخترقت الرصاصة جسدها واستقرت فى جسد الرضيع فسقطت على وجهها وهى تشد الرضيع إلى صدرها وتتشبث به .
وبجوار جدار فى المخيمين اصطفت عشرون جثة مربوطة الأيدى والأرجل لفتية فى سن الخامسة عشر والسادسة عشر ، أطلق عليهم النار فى رءوسهم من قبل القتلة .
وفوق تل من الأنقاض تمدد جسد طفلة فى الرابعة من عمرها كانت تبحث عن أمها بين أحجار بيتهم المهدم فرآها أحد القتلة فأفرغ رصاصة فى رأسها فسقطت على وجهها مخضبة بدمائها على وجهها .
ووسط كومة من القمامة تمدد جسد [ عدنان نورى ] البالغ من العمر تسعون عاماً وقد اخترقت رصاصة من القتلة صدغه الأيسر ، وبجواره عكازه الخشبى ، وعلى بعد خطوات منه تكوم جسد جاره [ محمد دياب ] البالغ من العمر سبعون عاماً مقتولاً برصاصة فى رأسه ، وفى حفرة قرب مستشفى [ عكا ] عجوز آخر جز القتلة عنقه بالسكين .
وفى أحد الأزقة طفلتان فى الحادية عشر أو الثانية عشر من عمرهما مستلقيتان على ظهريهما متباعدتا الساقين ، قام القتلة باغتصابهما قبل أن يطلقوا الرصاص على رأسيهما .



















وأكوام متفرقة من أنقاض المنازل والأحجار كومتها الجرافات فوق الجثث ، وبرزت من وسطها أذرع وأرجل الضحايا ، وفى وسط كومة من الأنقاض امتدت يد امرأة حاملة بطاقتها اللبنانية .
وفى أحد البيوت جثة امرأة فى مطبخها قتلت وهى تعد الطعام لأسرتها ، وفى بيت ثان أسرة كاملــة رشقت بالرصاص وهى تتناول طعامها ، وفى بيت ثالث وفى غرفة مظلمة خمس جثث تلتصق ببعضها لرجل وامرأة ، وصبيــين وطفل رضــيع ، قتلوا وهم نائمون فوق فراش على الأرض ، وفى بيت رابع طفل رضيع يتحرك بين ذراعى أمه المقتولة ، وجثة رجل معلقة تترنــح من إحدى النوافذ ، وفى بيت آخر امرأة حامل بقر القتلــة بطنهــا ، وأخرجوا الجنين من أحشائها ، وجثث أخرى فى بيوت أخرى قطعــت أوصالها وهشمـت رؤوسها وطعنت بالسكاكين وحولها برك من الدماء المتجمدة التى تؤكـد أن عمليات التعذيب قد تمت قبل القتل .(1)
ومشهد آخر فيه أكوام الجثث على بعضهم البعض تتناثر محافظ النقود حول الجثث لتؤكد أن القتلة كانوا ينهبون ضحاياهم (2) ، كما تتناثر الأعيرة النارية الفارغة والأوراق الملونة التى تغلف ألواح الشيكولاته وكلها
مصنوعة فى إسرائيل وعليها كتابات بالعبرية .(1)
وآثار الجرافات على الطريق الرملى يبين أماكن القبور الجماعية ، فقد حاول القتلة إخفاء الجثث بنسف المنازل فوقهم أو بدفنهم فى قبور جماعية يضم كل قبر فيها ما بين 80 إلى 200 جثة ، وتجمدت فوقها الدماء وأسراب الذباب .(2)
ويروى [ روبرتوسيرو ] مراسل مجلة التايم الأمريكية فى بيروت ما رآه بعد دخوله المخيمات ، وبعد أن دخل فى نوبة هستيرية ، فقال : لم يكن هناك سوى أكوام الخراب والجثث ، حيث الجثث مكومة فوق بعضها من الأطفال والرجال والنساء ، بعضهم قد أصاب الرصاص رأسه ، وبعضهم ذبح من عنقه ، وبعضهم مربوطة أيديهم إلى الخلف ، وبعضهم أيديهم مربوطة إلى أرجلهم ، وبعض أجزاء الرؤوس قد تطايرت جثة امرأة تضم ابنها إلى صدرها وقد قتلتهما رصاصة واحدة ، وقد تمت إزاحة الجثث من مكان إلى آخر بالبلدوزرات الإسرائيلية ، ووقفت امرأة على جثة ممزقة وصرخت زوجى ، يا رب من سيساعدنى من بعده ؟! كل أولادى قتلوا ! زوجى ذبحوه ! ماذا أفعل يا رب ؟! .. الجثث معلقة على الحوائط .. الأشلاء لا يستطيع أحد تمييز أجزاء عن أخرى .. كل الأشلاء للجثـث مختلفة ، رجال على نساء على أطفال ، وبرغم هروب السكان من ناحية القوات متعددة الجنسيات إلا أنها لم تقم بحمايتهم ، لقد كانوا مرعوبين هم الآخرين كانوا فى انتظار أن يحدث لهم ما يحدث للفلسطينيين فى لبنان ، ورأيت نساء عاريات قيدت أرجلهن وأيديهن خلف ظهورهن ، ورأيت رضيع مهشم الرأس يسبح فى بركة من الدماء وإلى جانبه رضاعة الحليب ، وبجواره طفل آخر قطعت أجزاؤه ورسموا ببعض الأجزاء ( الأعضاء ) أشكال ورسومات على هيئة نجمة داود .
وفى تقرير لمراسل صحفى من جريدة الواشنطن بوست إبان المذبحة فى سبتمبر عام 1982 يقول عن مشاهداته لتلك المذبحة : بيوت بكاملها هدمتها البلدوزرات وحولتها إلى ركام .. جثث مكدسة فوق بعضها أشبه بالدمى وفوق الجثث تشير الثقوب التى ظهرت فى الجدران إلى أنهم أعدموا رمياً بالرصاص ، وفى شارع مسدود صغـير عثرنا على فتاتين ، الأولى عمرها 11 عاماً ، والثانية عدة أشهر ، كانتا ترقدان على الأرض وسيقانهما مشدودة ، وفى رأس كل منهما ثقب صغير ، وعلى بعد خطوات من هناك وعلى حائط بيــت يحمل رقمين 422 ـ 424 أطلقـوا النار على ثمانية رجال ، فكل شارع مهما كان صغيراً يخبر عن قصته ، وفى أحد الشوارع تتراكم 16 جثة فوق بعضها البعض فى أوضاع غريبة ، وبالقرب من هذه الجثث تتمدد امرأة فى الأربعين من عمرها بين نهديها رصاصة ، وبالقرب من محل صغير سقط رجل عجوز يبلغ السبعين من العمر ويده ممدودة فى حركة استعطاف ورأسه المعفر بالتراب يتطلع ناحية امرأة ظلت تحت الركام .
وذكر [جيمس بريتجل] المراسل الصحفى لمجلة النيوزويك الأمريكية أنه سأل أحد القتلـة عما يجرى لدى سماعه الطلقات النارية داخل مخيمي [صبرا وشاتيلا] فكان جوابه أننا نذبحهم .

هذا ما تم ذكره تصوير متواضع لأحداث المذبحة ، لكن تعالوا نسمع شهادات الأحياء الناجون من هذه المذبحـة الرهيبة ، وقد أدلوا بشهاداتهم هذه للجرائد اللبنانية المختلفة الموجودة فى لبنان ، وكذلك للجرائد الأجنبية متمثلة فى المراسلين المتواجدين فى لبنان عموماً ، والجرائد هى : جريدة النيويورك تايمز الأمريكية [توماس فريدمان] ـ جريدة التايمز البريطانية [روبرت فيسك] ـ جريدة الأوبزرفر البريطانية [كولين سميث]

أم كايد [ فلسطينية ] :
" لا أستطيع أن أنسى ما فعله الوحوش بالنساء والأطفال .. كدت أفقد عقلى عندما بقروا بطن أم مبارك الحامل فى شهرها التاسع بسكين طويلة وبعثروا أحشاءها وأخرجوا الطفل وأجهزوا عليه بالرصاص .. قتلوا عفاف بنت محمود ووالدها .. قتلوا صالح الطيبى وأخاه أحمد .. قتلوا ماجد خريبى وأحمد حشمى وعبد السلام بركة .. قتلوا على الطوخى وسعيد العابدى وموسى العابدى وإبراهيم العابدى ووالدهم المسكين .. قتلوا رجلاً اسمه ماضى وأخاه محمد ووالدهما .. قتلوا قاسم أبو حرب ووالده وأخويه وليد ومحمود .. أما جارتى التى كانت تسكن قبالتى فبقيت مع عائلتها لأنها لم تنتبه إلى ما كان يحدث ، فنحن نعيش منذ مدة وسط دوى القذائف وصوت الرصاص ، وجدناها موثقة اليدين مذبوحة ، انتزعوا سروالها ، وأعتقد أنهم اغتصبوها ، أما أفراد عائلتها فلم نجد لهم أثراً .. تعال معى أريك كيف قتلوا أبو على مقداد .. قتلوه وقطعوا يديه بالبلطات .. فصلوا رأسه عن جسده .. اضحك يا أبو على .. وراك رجال راح ينتقموا .. استفردوا فينا يا أبو على بعد ما راح الأبطال " . " تقصد مقاتلى منظمة التحرير الفلسطينية " .
كانت أم كايد تندب أبو على المذبــوح وإلى جانبه بركة من الدماء ، وعلى بعد مترين كان رأسه منتصباً وقد شوهت ضربـات السكين معالم وجهه .

لبنانى رفض ذكر اسمه :
" كنت وزوجتى نغادر مخيم شاتيلا بعد زيارة لأقربائى هناك ، وجاء المسلحون فى سيارات عسكرية إسرائيلية ، كانوا يرتدون لباساً مدنياً ، بدأوا يطلقوا النار على كل جسم يتحرك .. ركض أبناء المخيم فى كل اتجاه طالبين















اضحك يا أبو على .. وراك رجال راح ينتقموا .. استفردوا فينا يا أبو على بعد ما راح الأبطال

النجاة .. انهمر علينا الرصاص من الخلــف ونـحن نركض ، ولكننا لم نتوقف .. وصلنا إلى مشارف المخيم من الجهة الشرقية .. فوجئنا بمجموعة من الإسرائيليين يقيمون حاجزاً على الطريق .. تقدموا منى فأبرزت هويتى اللبنانية على الفور ، ولكنهم انهالوا علىّ ضرباً بالهراوات .. حاولت زوجتى أن تصرخ فلـم تستطع .. كان الدم ينزف من صدرها .. بصقوا عليها ، وراحوا يتحدثون بلغة لم أفهم منها شيئاً .. وفى هذا الوقت صاح أحدهم مشيراً إلى عائلة كانت تحاول الخروج من المخيم ، وانطلق هو ورفاقه وراء العائلة وهم يطلقون الرصاص .. وكانت هذه فرصتنا .. تحاملت على نفسى ، وساعدت زوجتى على النهوض ، كانت كلما سارت خطوتين تقع على الأرض .. تمكنا من الوصول إلى الطريق الآخر .. ولكن زوجتى سقطت صريعة .. وجلست بجوارها أبكى إلى أن جاءنى رجل وشدنى إلى بيته القريب " .

حسين المقداد [ لبنانى ] :
" وقفت دقائق وسط الشارع ، لا أدرى أين أتوجه .. أفقت على صرخة امرأة وهى تشدنى بقوة من قميصى وتقول : " اهرب .. إنهم يذبحون الجميع .. لماذا تقف كالأبله " .. حاولت أن أستوضح الأمر ولكنها غابت بين الناس .. بدأت أركض .. سمعت صوتاً يقول : قف وإلا قتلناك .. حاولت الالتفات .. سمعت أصوات طلقات نارية .. وظللت أركض وأركض .. بدأت أشعر بثقل فى ساقي اليسرى وأن سائلاً ساخناً ينساب عليها .. ولحقت بالنساء والأطفــال والشيوخ الهاربين .. بدأوا ينظرون إلىّ ويتهامسون .. اقترب منى أحد الرجال وقال : أنت مصاب ، إنك تنزف ، يجب أن تذهب إلى المستشفى .. بعد ثلاثة أيام قال لى أحد أقربائى : لقد نسفوا بيتك ، ووجدنا زوجتك مربوطة ومذبوحة وسكاكين القتلة عملت فى أجساد أطفالك .. لقد تمكنا من دفنهم ، وبعد أن تشفى يمكنك زيارتهم " .

يسرية عطية العموشى [ مصرية ] :
" دخلوا ملجأين بالقرب من مستشفى عكا ، وقتلوا جميع العائلات التى كانت بداخلهما ، ثم قاموا بنسف الملجأين بالديناميت .. سمعت أصوات الانفجارات عند الساعة السادسة مع حلول الظلام .. لا أعرف كيف حملتنى ساقاى على الهرب .. عدت يوم السبت ووجدت رجال الإسعاف ينتشلون الجثث .. لم يكن سهلاً التعرف على أى من الضحايا " .

لبنانية رفضت ذكر اسمها :
" كنت فى الملجــأ مع زوجـــى وأولادى الخمسة حيث اختبأ ما يزيـد عن سبعــين شخصــاً أثنــاء القصف الوحشى .. ابنة الجيران واسمها [ عايدة أبو ردينة ] وتبلغ من العمر تسعة عشر عاماً قالت : سأخرج لأحضر بطاقات الهوية ، أنا فتاة ولن يعترضونى .. وبعد لحظات سمعنا طلقات الرصاص وصرخة تبعها صمت .. وصمم والدها العجوز أن يخرج لكى يستطلع الأمر .. حاولنا منعه دون جدوى .. وخرج ولقى مصير ابنته عايدة .. حبسنا أنفاسنا ولم يقو إنسان منا على التحرك داخل الملجأ خوفاً من اكتشاف أمرنا .. لكنهم قدموا .. طلبوا منا الخروج من الملجأ .. قلنا لهم نحن نسـوة ومعنا أطفال .. لكنهم أصروا على خروجنا .. فرزوا الرجال والأولاد .. طلبوا منهم الانبطاح على الأرض ورشوهم بالرصاص .. صرخنا وركضنا لحماية رجالنا ، ولكنهم لم يرحمونا .. قتلوا امرأتين وأصابوا أكثر من ثلاث نساء بجراح .. بعد ذلك أخذوا ثلاث فتيات وربطوهن بالحبال واغتصبوهن على مرأى منا " .

منير أحمد الدوخى [ فلسطينى ] :
شيخ عجوز جاوز الستين من عمره يتكئ على عصاه وكتف حفيدته السمراء .. يسير بين أنقاض المخيم والأسى مرتسم على تجاعيد وجهه .. " بحثت عن عائلتى داخل البيت بين الأنقاض ولم أجد أثراً لأحد منهم .. البيت تحول إلى أطلال .. قال لى رجال الإسعاف أن أتوجه إلى مسجد المخيم أو المدينة الرياضية للبحث عن عائلتى بين جثث الضحايا .. فى المسجد وجدت إحدى بناتى مربوطة اليدين والقدمين ومذبوحة وإلى جانبها طفلها الرضيع يشد صدر أمه .. هو الآخر طعنوه بالسكين .. على بعد قدمين شاهدت زوجتى المسكينة .. كانت مذبوحة أيضاً .. يدها اليمنى كانت تمسك بذراع إحدى بناتى .. يبدو أنها دافعت عن ابنتها .. وبالقرب منهما كانت ترقد ابنتى الصغرى مضرجة بدمائها .. تناثرت حولها أوراق ممزقة من القرآن الكريم وقد تبللت بالدماء .. هؤلاء المساكين .. اعتقدوا أن المسجد آمن فالتجئوا إليه " .

على خليل عفانة [ طفل كان فى الثامنة من عمره وقتها ] :
" كانت الساعة الحادية عشرة والنصف .. سمعنا صوت انفجار كبير وتلاه صوت امرأة تئن .. وفجأة اقتحموا منزلنا ، واندفعوا كالذئاب يفتشون الغرف..صاحت أمى تستنجد فأمطروها بالرصاص..مد أبى يده يبحث عن شىء يدافع به عن نفسه .. لكن رصاصهم كان أسرع .. لم أقو على الصراخ فقد انهالوا عليه طعناً بالسكاكين .. لا أدرى ماذا جرى بعد ذلك ، لكننى وجدت نفسى فى المستشفى كما ترانى ، ملفوف الرأس والساقين .. قال لى رفيق فى المدرسة كان فى زيارة أمه فى المستشفى إن بيتنا تحول إلى أنقاض .. جاءت خالتى أمس لزيارتى فسألتها عن مصير إخوتى الثلاثة ولكنها لم تجب..لقد ماتوا جميعاً..أنا أعرف ذلك "وحاول أن يغطى وجهه بيديه ، كان يشعــر أنه أكــبر من دموع ساخنة انسابت بقوة على خديه الصغيرين .

جميلة [ لبنانية من مخيم شاتيلا ] :
" يوم الخميس مساءً سمعت الناس يركضون فى الشارع وهم يصرخون .. تسللت أنا وابنتى أمل إلى مستشفى عكا حيث قضينا الليل .. وفى صباح يوم الجمعة عدت إلى المخيم لأطمئن على والدى ووالدتى .. وجدت البيت مهدماً .. ووجدت والدى المقعد مقتولاً فى فراشه وبجواره كرسيه المتحرك .. أما والدتى فعثرت عليها جثة هامدة فى الطريق .. حاولت الرجوع إلى المستشفى ، فأمسك بى أحد المسلحين .. أبرزت بطاقتى اللبنانية فقادنى إلى بيت قريب .. كان هناك أربعة آخرون اغتصبونى جميعاً .. ليتهم قتلونى كما قتلوا أبى وأمى وأشقائى .. لقد قتل المجرمون 24 فرداً من عائلتى " .

فاطمة على شمس الدين [ لبنانية ] :
" كنا فى المنزل عندما بدأ إطلاق الرصاص .. خرجت أبحث عن أختى ، فوجدتها فى الطريق جثة هامدة وقد اخترق الرصاص ظهرها .. عدوت نحو المنزل لأحذر الجيران ، وصرخت فيهم أن يهربوا ، فقالوا لى : نحن لبنانيون ولن يصيبنا شىء .. قضيت الليلة فى المستشفى ، وعندما عدت فى الصباح وجدتهم جميعاً جثثاً هامدة " .

أمينة أحمد حسين [ فلسطينية ] :
" أعرف أن زوجى وابنى البالغ من العمر 15 سنة قد قتلا .. لكنى لم أعثر حتى الآن على جثتيهما .. سمعت صوت طلقات الرصاص يوم الخميس ، وخلال الليل كان المسلحون يستخدمون المشاعل لإضاءة طرقات المخيم .. وفى يــوم الجمعة أدركنا أنهم سيقتلوننا .. ففررنا إلى مستشفى عكا .. اقتحم المسلحون المستشفى وأخذوا معهم جميع الرجال الفلسطينيين ومن بينهم ابنى وزوجى .. كانوا يسألون كل فرد عن جنسيته ، فإذا كان فلسطينياً أوقفوه بجوار الحائط .. وكانوا يضربونهم بأعقاب البنادق .. أخذوا النساء إلى استاد المدينة الرياضية وأمروهن بعدم العودة إلى المخيم .. حاولت العودة إلى المخيم يوم السبت .. واقتربت مع آخرين من نقطة تفتيش إسرائيلية ، وقال لنا أحد الإسرائيليين : لماذا لم ترحلوا مع المنظمة إن هذا البلد ليس بلدكم " .

.. .. .. [ لبنانية ، ممرضة فى مستشفى عكا ] :
" حاصروا المستشفى يوم الجمعة .. حاول حارس المستشفى عم أبو سعيد أن يستوقفهم .. لكنهم أمطروه بالرصاص .. ظل ينزف دون أن يقوى على مساعدته أو الاقتراب منه أحد .. وعبر مكبرات الصوت طلبوا من الجميع مغادرة المستشفى .. قرر عدد من الأطباء أن يخرجوا لمقابلة المسلحين والتفاهم معهم .. رفعوا راية بيضاء وتقدموا نحو مدخل المستشفى .. لكن المسلحين قابلوا الراية البيضاء والرداء الأبيض بقنبلة ألقوها بين أقدام الأطباء .. سقط الأطباء على الأرض وكانوا ينزفون بغزارة .. أخذت زميلة لى حجراً وألقته على القتلة وهى تصرخ بجنون .. واندفعت نحو الأطباء لمساعدتهم .. فأمسك بها المجرمون .. صفعوها بقوة فوقعت على الأرض وقد أغمى عليها ومزقوا رداءها الأبيض وجروها على الطريق إلى الرصيف الآخر ، واغتصبوها .. تناوب عليها خمسة وحوش .. واقتحم عدد من المسلحين المستشفى ، وطلبوا من الرجال الوقوف جانباً .. حاول بعض الأطباء الأجانب مساعدتنا .. لكن المسلحين سبوهم بالإنجليزية والفرنسية والعبرية ، وصفع أحدهم طبيباً نرويجياً وبصق عليه .. ساق المسلحون الرجال إلى جهة مجهولة .. أما نحن فقد حملونا فى سيارة كبيرة توجهت إلى سن الفيل .. توقفت السيارة أمام مبنى كبير كان يرتفع على ساريته علم الكتائب .. تقدم منا أحد الضباط وسأل المسلحين : ما هذا ؟ جئتم بالنساء ! أريد الرجال .. ورد عليه المسلحون : قتلناهم يا سيدى .. ابتسم الضابط ابتسامة عريضة وهنأ القتلة على ما فعلوه وقال لهم : أنتم أبطال " .



مصطفى جبرا [ فلسطينى من مخيم شاتيلا ] :
" كان عددنا يقارب الثلاثين .. اعتقلنا القتلة يوم الجمعة مساءً .. أمرونا أن نصطف عند جدار أحد المنازل ، وبدءوا يطلقون علينا النار من أسلحة أوتوماتيكية ، ولم نستطع أن نراهم بسبب الظلام .. بعد رحيلهم سمعت شخصاً إلى جانبى يئن .. كان جريحاً سقط فوقه أحد الضحايا .. ساعدته على النهوض وزحفنا إلى منزل مهجور حيث مزقنا بعض الأقمشة وربطنا بها جراحنا النازفة .. وفى الصباح جاء بعض أهل المخيم ونقلونا إلى المستشفى .. فى صدرى رصاصة عجز الأطباء عن إخراجها .. وفى ذراعى وساقى شظايا لرصاص متفجر حاول الأطباء إخراج الرصاص لكن الشظايا لا تزال موجودة فيها .. زوجتى وأطفالى الثلاثة مفقودون .. لكن والدتى مريم تقول إنهم موتى ، وتؤكد أن القتلة قطعوهم بالبلطات " .

وجنات زين عبد اللطيف [ مصرية ] :
" كان عدد كبير من المصريين يسكنون هنا فى مخيم شاتيلا ، وكثيرون منهم مازالوا مفقودين مع عائلاتهم .. لكننى عثرت على جثث العشرات منهم .. لجأت إلى مستشفى غزة يوم الجمعة عندما علمت بالمذبحة ، ولكنهم حاصرونا داخل المستشفى يوم السبت صباحاً .. وكان عدد اللاجئين إلى المستشفى يزيد على 1000 شخص .. فصلوا الفلسطينيين عن الأجانب ، واقتادوهم رجالاً ونساءً وأطفالاً إلى منطقة المدينة الرياضية .. هناك وضعوهم فى حفرة عميقة أحدثتها صواريخ الطائرات خلال القصف الوحشى .. طلبوا منهم الانبطاح داخل الحفرة .. وصبت البنادق الرشاشة حممها داخل الحفرة ، بينما راحت ثلاث جرافات إسرائيلية تدفن الأحياء والأموات .. الكثير من الرجال حاول الإفلات دون جدوى فقد كان القتلة يطلقون النار عليهم .. رأيت ذلك بعينى .. فقد لحقت بهم واختبأت خلف حائط قديم عملت أحداث القصف فيه بعض الثقوب ، رأيت من خلالها ما جرى دقيقة بدقيقة .. كاد أحد المسلحين أن يكتشف أمرى ، فقد صرخت دون إرادة عندما مرت الجرافات على أجساد الأطفال والرجال والنساء .. بقيت هناك فترة لا أدرى مداها مختبئة بين أكياس من القش .. كنت فى شبه غيبوبة لا أعى شيئاً .. أفقت على صراخ النسوة وهن يبحثن عن أقربائهن القتلى .. أخبرت الصحفيين ورجال الإسعاف المدنى .. لم يصدقونى .. ولكنهم عندما اكتشفوا الحقيقة طلبوا منى مغادرة المنطقة والاختباء " .

وسنتعرض لبعض أحداث المذبحة كما أوردها [ باسل مروان ] فى كتابه ( الصهونية سجل تاريخى أسود ) ، فيقول :(1)
نفذت هذه المذبحة تحت شعار " بدون عواطف " " الله يرحمه " ـ كلمة السر أخضر تعنى أن طريق الدم مفتوح .
وعندما شُكلت محكمة عسكرية للتحقيق فى هذه المجزرة اعتبرت المحكمة أن أوامر السفاح شارون أسىء فهمها ، وتم تغريمه 10 قروش و14 سنتاً أمريكياً ، كما تم توبيخــه بحكم المحكمة العسكرية ، وقد سُمى الحكم بـ ( قرش شدمى ) لشدة ما به من سخف واستخفاف بمفهوم القضاء .
وعن شهادات الأحياء الناجين من المذبحة :
تقول أم غازى يونس ماضى [ إحدى الناجيات من المذبحة ] :
اقتحموا المخيم يوم 16 سبتمبر ، ولم نكن نسمع فى البداية رصاص فقد كان القتل يتم بالفؤوس والسكاكين ، وكانوا يدفنون الناس أحياء بالجرافات .. هربنا نركض حفاة والرصاص يلاحقنا ، وقد ذبحوا زوجى وثلاثة أبناء لى فى المجزرة ، فقد قتلوا زوجى فى غرفة النوم ، وذبحوا أحد أولادى ، وحرقوا آخر بعد أن بتروا ساقيه ، والولد الثالث وجدته مبقور البطن ، كما قتلوا صهرى أيضاً .

وتروى أم محمود [ جارة أم غازى يونس ] ما شاهدته قائلة :
رأيتهم يذبحون فتاة وهى حامل مع زوجها ، وابنة خالتى خرجت من المنزل فأمسكوا بها وذبحوهـا فى الشارع ، ثم ذبحوا ولدها الصغير الذى
كان فى حضنها .

ويقول غالب سعيد [ وهو من الناجين أيضاً ] :
تم إطلاق قذائف مدفعية على المخيم أولاً ، وكان القتل يتم بأسلحة فيها كواتم للصوت ، واستخدموا السيوف والفؤوس ، وقتلوا شقيقى وأولادى الأربعة ، كما تعرضت عدة فتيات للاعتداء عليهن .

وتقول سنية قاسم بشير :
قتلوا زوجى وابنى فى المجزرة ، وأفظع المشاهد التى شاهدتها كان منظر جارتنا [ الحاجة منيرة عمرو ] فقد قتلوها بعدما ذبحوا طفلها الرضيع أمام عينيها وعمره أربعة شهور .

وتروى ممرضة أمريكية تدعى [ جيل دور ] عن شاهد عيان قوله :
إنهـم ربطوا الأطفال ثم ذبحوهم ذبح الشياة فى مخيمي صبرا وشاتيلا .
وتروى امرأة أخرى لم تود ذكر اسمها :
كيف دخلوا بيتها ، وعندها طفل من الجيران ، فانهالوا عليه بالفأس فشقوا رأسه قسمين ، وتقول : لما صرخت أوثقونى بحبل كان بحوزتهم ، ورمونى أرضاً ، ثم تناوب ثلاثة منهم على اغتصابى ، وتركونى فى حالة غيبوبة ، لم أفق إلا فى سيارة إسعاف الدفاع المدنى .
ويقول حسين رعد :
إن الإرهابيين قاموا بقطع الرؤوس وضرب الرقاب بالسواطير ، وكانوا يدوسون الجثث بأقدامهم ، وقد رأيت بعينى قتل خمسة أشخاص ، قتل أحدهم بالساطور ، ناهيك عن الشتائم والإهانات ، وكانوا يذبحون الأطفال والنساء بلا تمييز .

أما محمود هاشم [ وهو من شهود المذبحة ] فيقول :
كان عمرى آنذاك يقارب الخمسة عشر عاماً ، وساعة حدوث المذبحة كنت نائماً مع أصحاب لى يوم الجمعة ليلاً الموافق 17 / 9 / 1982 فى المخيم ، وفى حدود الساعــة الحادية عشرة ليلاً سمعنا إطلاق نار ظنناه عادياً ، ونمنا حتى الصباح حيث صحونا لنجد المخيم خالياً إلا من القطط والكلاب ، وخرجنا نتفقد الأحوال حتى اقتربنا من مدرسة الجليل ، حيث وجدنا كومة من الجثث فوق بعضها البعض ، فلم نتمالك أعصابنا وقررنا الخروج من المخيم عن طريق يدعى الاستوديو .. وصلت إلى حيث يقيم أهلى بعدما دُمر بيتنا فى مخيمي صبرا وشاتيلا جراء القصف الإسرائيلى فى أوائل الاجتياح .
ويضيف قائلاً :
لقد وجدنا فى هذه المذبحة ما يشيب من هوله الولدان ، فقد وجدنـا
عدداً من الأحصنة مقتولة بينها جثة رجل مقطوع الرأس تبين فيما بعد أنها جثة عمى [ عبد الهادى قاسم 49 عاماً ] ، وتابعت المسير فاصطدمت بست جثث مربوطة بجنازير بعضها ببعض ، وكانت رؤوس اثنين منهم مجوفة فيما يبدو أنها ضربت ببلطة أو فأس على الرأس .


  


لكن صورة المذبحة لم تكتمل بعد ، فهناك صورة أخرى تمثل ساعات الرعب فى مستشفى [ عكا ] ومستشفى [ غزة ] ، فتعالوا بنا نرى الصورة كاملة .
ففى الساعات الأولى من مساء يوم الخميس 16 سبتمبر ، اشتد القصف على المخيمات ، وانتشر القتلة فى الطريق يطلقون النار عشوائياً على كل شىء يتحرك بما فى ذلك القطط والكلاب والخيول .. عندها أدرك سكان المخيمات أن المهاجمين هم مجموعة عصابات من القتلة هدفها إبادتهم جميعاً ، لذا حاول عدد كبير من الأهالى الفرار إلى أماكن أكثر أماناً ، فلم يجدوا غير مستشفى [ عكا ] ومستشفى [ غزة ] فاحتموا بهما ، هذا بجانب من وجد مصاباً من جراء هذه المذبحة الرهيبة .
ولنبدأ المشهد من مستشفى [ عكا ] :(1)
يقع مستشفى عكا على الحدود الجنوبية لمخيم شاتيلا ، على بعد 200 متر تقريباً من المبنى الذى اتخذه الإسرائيليون مركزاً لهم ، وقد ذكر أحد أطباء المستشفى أنه ابتداء من الساعة السادسة من مساء الخميس بدأ سيل من الجرحى يتدفقون على المستشفى ، وأن أحد الجرحى وهو طفل صغير أخبره أن الشارع الرئيسى فى مخيم شاتيلا يمتلئ بالجثث ، وأضاف الطبيب أنه فى ذلك الوقت كان ملجأ المستشفى مزدحماً بما يزيد عن 500 شخص من سكان المخيم الهاربين من القصف والرصاص ، وأن حالة الرعب كانت تتزايد بقدوم لاجئين جدد ، ووصفهم لما رأوه فى الطريق .
فى الصباح الباكر كانت حالة الرعب فى المستشفى قد وصلت إلى درجة لا تطاق ، وخاصة لقرب المستشفى الشديد من مواقع الإسرائيليين وحواجز المسلحين ، لذلك فقد فر بعض المدنيين متوغلين فى المخيم شمالاً إلى أماكن أكثر أماناً .
وقد ذكرت إحدى الممرضات فى مستشفى عكا أن الرعب كان شاملاً لدرجة أن مخيم شاتيلا قد خلا تقريباً من السكان أثناء الساعات الأولى من صباح الجمعة ، فالطوابق العليا للمستشفى تطل على المخيم ، وقد تعود العاملون فى المستشفى أن يروا ويسمعوا حركة وأصوات المخيم كل يوم ، أما فى هذا اليوم فقد كانت الطرق صامتة .. لم يكن فى الطريق شخص واحد .. ولا أثر للحياة فى المساكن المواجهة للمخيم .
حاول عدد من الأهالى الفرار إلى خارج المخيم ، ولكن الإسرائيليون المحاصرين للمخيم ، والمسلحين الذين أقاموا الحواجز على كل مداخل المخيم ردوهم على أعقابهم تحت تهديد السلاح ، فقد صور فريق من التليفزيون الدنماركى كان موجوداً بالصدفة أمام مدخل شاتيلا فى الساعة الواحدة من بعد ظهر يوم الجمعة عدداً من المسلحين يمنعون سيارة شحن ممتلئة بالنساء والأطفال من الخروج من المخيم ، وكان الأطفال يصرخون ، والنساء يتوسلون وأيديهن على وجوههن ، بينما وقفت الدبابات الإسرائيلية على مسافة قريبة من المسلحين .
وعلى نفس الشريط صور الفريق رجلاً عجوزاً يلبس طاقية بيضاء وهو يرتد إلى المخيم مبتعداً عن المسلحين الذين وقفوا مترصدين ، وسلاحهم مصوب نحوه ، وقد تعرف المراسلون الصحفيون على الرجل العجوز وهو [ عدنان نورى ](1) ، فقد شاهدوا جثته ممددة فى أحــــد طرق
المخيم عندما سمح لهم بالدخول يوم السبت صباحاً .
كذلك سجل الفريق التليفزيونى مشهداً لسيارة من سيارات الجيب التابعة للجيش اللبنانى تحمل دورية من الجنود تقترب من مدخل المخيم ، ولكن أحد المسلحين أطلق النار عليهم ، وأمرهم بالنزول من السيارة ، وساقهم أمامه إلى داخل المخيم وهم رافعوا أيديهم ، وبقيت سيارتهم ورقمها ( 582493 ) مهجورة فى الطريق .
هاجم المسلحون مستشفى عكا ثلاث مرات يوم الجمعة ، وقد علق أحد الأطباء الأجانب فى المستشفى على ذلك بقوله : إن المجموعات الثلاث كانت مجموعات مختلفة ترتدى زياً مختلفاً ، وإنه كان واضحاً أنه لا يوجد تنسيق بين المجموعات الثلاث .
حوصر المستشفى فى الساعة 11.20 من صباح يوم الجمعة ، وأمر المسلحون كل من فى المستشفى بالخروج .. حاول أربعة من الأطباء التفاهم مع المهاجمين ، فخرجوا بردائهم الأبيض وهم يرفعون راية بيضاء .. ولكن القتلة ألقوا عليهم قنبلة يدوية ، قتلت ثلاثة منهم وجرحت الرابع ، واقتحم القتلة المستشفى ، وطلبوا من العاملين الأجانب أن يتوجهوا إلى مدخل المخيم لاستجوابهم ، وعلى باب المخيم تحقق الجنود الإسرائيليون من أوراقهم الرسمية ، وكان هناك عدد من الدبلوماسيين النرويجيين الذين تدخلوا لإخلاء سراح النروجيين العاملين بالمستشفى ، أما الباقون فقد سمح لهم بالعودة إلى المستشفى .
وعندما عاد العاملون الأجانب إلى المستشفى اكتشفوا اختفاء جميع المدنيين الذين كانوا فى الملجأ وعدد من الجرحى ، وطبيبين فلسطينيين ، وممرضتين لبنانيتين ، وقد عادت واحدة من الممرضات بعد ذلك وروت كيف اغتصب عشرة من المسلحين زميلتها ، ثم أطلقوا عليها النار .. كما عثر العاملون فى المستشفى على جثة إحدى الممرضات الفلبينيات مقتولة وملقاة بجوار المستشفى .
فى الساعة الثانية من بعد ظهر يوم الجمعة هوجم المستشفى مرة أخرى ، وقام المجرمون بإطلاق النار على اثنين من الأطباء الفلسطينيين وأحد المدنيين الجرحى ، وهاجموا الجرحى الآخرين وانتزعوهم من أسرتهم وجروهم فى ممرات المستشفى .
وفى الساعة 3.45 جاءت مجموعة أخرى من المسلحين وسألوا عن الممرضات ، فرد عليهم أحد الأطباء الأجانب بأن الممرضات قد هربن ، فطلبوا تفتيش المستشفى ، وعندما وجدوا صورة ياسر عرفات فى غرفة الطبيب اتهموه بأنه إرهابى ، وهددوه بالقتل ، وأمروه بإحضار الممرضات قبل الساعة السابعة مساءً .



















ولحسن حظ الطبيب ومن معه أن فريقاً من الصليب الأحمر تمكن من الوصول إلى المستشفى فى الساعة الخامسة مساءً ، وعند وصولهم شاهدوا جثث الأطباء الثلاثة بالقرب من الباب وبجوارهم الراية البيضاء ، وداخل المستشفى كانت هناك أربع جثث أخرى ، وقام فريق الصليب الأحمر الدولى بإخلاء المستشفى ونقل الباقين من الأطباء والجرحى إلى خارج المخيم .
وقد ذكر المراسلون الصحفيون الذين تمكنوا من الاقتراب من مستشفى عكا يوم الجمعة مساءً أن مبنى المستشفى قد احترق .

أما فى مستشفى [ غزة ] :(1)
يقع مستشفى عزة فى أقصى شمــال المخــيم ، وقد وصل إليه القتلة صباح السبت 18 سبتمبر ، وكانـوا فى عجلة من أمرهم ، فقد انقضت المهلة التى منحها لهم رؤساؤهم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sahragt.ahlamontada.com
 
صبرا وشاتيلا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدرسة صهرجت الصغرى الثانوية :: ابداعات هيئة التدريس-
انتقل الى: